للاستاد ابو حفص
بيان حكم من ينسب لله مكانا
ننقل في هذا االموضوع بعون الله تعالى عن العلماء حكم من يعتقد أن الله يسكن السماء أو يتحيز فوق العرش أو في غير ذلك من الأماكن. ولا تغتر بكلام الذين زعموا ان الله بجهة فوق وانه جالس على العرش تعالى الله عن قوله.
1- فقد كفر الإمام المجتهد أبو حنيفة (150 هـ) رضي الله عنه من ينسب المكان لله تعالى، فقال في كتابه "الفقه الأبسط ما نصه (1): "من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض "اهـ.
2- ووافقه على ذلك الشيخ العز بن عبد السلام (660 هـ) في كتاب "حل الرموز"، فقال ما نصه:
" لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا، ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه " اهـ.
3- وارتضاه الشيخ ملآ علي القاري الحنفي وقال ما نصه (2): "ولا شك أن ابن عبد السلام من أجل العلماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله" اهـ.
4- وقال الإمام الحافظ الفقيه الحنفيأبو جعفر الطحاوي (321 هـ) ما نصه: "ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر" اهـ.
5- قال ابو القاسم القشيري (465 هـ) في رسالته ما نصه (3). "سمعت الإمام أبا بكر ابن فورك رحمه الله تعالى يقول: سمعت أبا عثمان المغربي يقول: كنت اعتقد بشيء من حديث الجهة، فلما قدمت بغداد زال ذلك عن قلبي فكتبت الى اصحابنا بمكة: إني أسلمت الآن إسلاما جديدًا" اهـ.
6- وقال الشيخ لسان المتكلمين أبو المعين ميمون بن محمد النسفي الحنفي (4) (508 هـ) "والله تعالى نفى المماثلة بين ذاته وبين غيره من الأشياء، فيكون القول باثبات المكان له ردا لهذا النص المحكم- أي قوله تعالى ﴿ليس كمثله شيء﴾ - الذي لا احتمال فيه لوجهٍ ما سوى ظاهره، ورادُّ النص كافر، عصمنا الله عن ذلك" اهـ.
7- وقال الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم الحنفي(5) (970هـ) ما نصّه (ويكفر باثبات المكان لله تعالى، فإن قال: الله في السماء، فإن قصد حكاية ما جاء في ظاهر الأخبار لا يكفر، وإن أراد المكان كفر).
8- وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد المصري الشافعي الأشعري المعروف بابن حجر الهيتمي(974 هـ) ما نصه (6): "واعلم أن القَرَافي وغيره حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم، القول بكفر القائلن بالجهة والتجسيم، وهم حقيقون بذلك" اهـ.
9- وقال الشيخ ملا علي القاري الحنفي (1014 هـ). ما نصه (7): "فمن أظلم ممن كذب على الله أو ادعى ادعاء معينا مشتملا على اثبات المكان والهيئة والجهة من مقابلة وثبوت مسافة وأمثال تلك الحالة، فيصير كافرا لا محالة) اهـ. وقال (
: من اعتقد أن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها فهو كافر وان عد قائله من أهل البدعة، وكذا من قال: بأنه سبحانه جسم وله مكان ويمر عليه زمان ونحو ذلك كافر، حيث لم تثبت له حقيقة ا لإيمان " اهـ.
10- وقال أيضا ما نصه (9): "بل قال جمع منهم- أي من السلف- ومن الخلف إن معتقد الجهة كافر كما صرح به العراقي، وقال: إنه قول لأبي حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والباقلاني " اهـ.
11- وقال الشيخ العلامة كمال الدين البياضي الحنفي (1098 هـ) في شرح كلام الإمام أبي حنيفة ما نصه (10): "فقال- أي أبو حنيفة- (فمن قال: لا أعرف ربي أفي السماء أم في الأرض فهو كافر) لكونه قائلا باختصاص البارىء بجهة وحيز وكل ما هو مختص بالجهة والحيز فإنه محتاج محدث بالضرورة، فهو قول بالنقص الصريح في حقه تعالى (كذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض) لاستلزامه القول باختصاصه تعالى بالجهة والحيز والنقص الصريح في شأنه سيما في القول بالكون في الأرض ونفي العلو عنه تعالى بل نفي ذات الإله المنزه عن التحيز ومشابهة الأشياء. وفيه اشارات:
الأولى: ان القائل بالجسمية والجهة مُنكر وجود موجود سوى الأشياء التي يمكن الإشارة اليها حسّا، فمنهم منكرون لذات الإله المنزه عن ذلك، فلزمهم الكفر لا محالة. واليه أشار بالحكم بالكفر.
الثانية: اكفار من أطلق التشبيه والتحيز، وإليه أشار بالحكم المذكور لمن اطلقه، واختاره الإمام الأشعري، فقال في النوادر: من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه لانه كافر به، كما في شرح الإرشاد لأبي القاسم الأنصاري"اهـ.
12- قال الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي (1143هـ) ما نصه (11): "وأما اقسام الكفر فهي بحسب الشرع ثلاثة أقسام ترجع جميع أنواع الكفر اليها، التشبيه، والتعطيل، والتكذيب... وأما التشبيه: فهو الاعقاد ان الله تعالى يشبه شيئا من خلقه، كالذين يعتقدون أن الله تعالى جسم فوق العرش، أو يعتقدون أن له يدين بمعنى الجارحتين، وأن له الصورة الفلانية أو على الكيفية الفلانية، أو أنه نور يتصوره العقل، أو أنه في السماء أو في جهة من الجهات الست، أو أنه في مكان من الاماكن، او في جميع الأماكن، أو أنه ملأ السموات والأرض، أو أن له حلول في شىء من الأشياء، أو في جميع الأشياء، أو أنه متحد بشىء من الاشياء، أو في جميع الأشياء، أو أن الأشياء منحلة منه، أو شيئا منها. وجميع ذلك كفر صريح والعياذ بالله تعالى، وسببه الجهل بمعرفة الامر غلى ما هو عليه" اهـ.
13- وقال الشيخ محمد بن احمد عليش المالكي (1299 هـ) عند ذكر ما يوقع في الكفر والعياذ بالله ما نصه (12): "وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه، فانه يستلزم حدوثه واحتياجه لمحدث" اهـ.