للاستاد ابو حفص
اكذوبة ان المشركين كانوا موحدين ربوبية
الحمد لله الذي جعلنا خير امة اخرجت للناس وفضلنا على سائر الامم والصلاة على من فضله على جميع خلقه سيدنا محمد وعلى اله وصحبه الابرار وكل من مشى على نهجهم وسار وتصدى للمعاندين الاشرار ما تعاقب الليل والنهار وبعد:
فان المسلمين تجمعهم عقيدة واحدة وقرأن رباني واحد ورسالة واحدة هادية مكملة كاملة وسنة حافظ عليها العلماء الاجلاء وثروة فقهية يتفاخر بها المسلمون على سائر الامم وان حصلت بعض الاختلافات الا ان الامور استقرت في تجمعاتهم العقدية والفكرية وغدت المذاهب السنية في وفاق ووئام ,وامام القوة التى يمثلها هذا الوفاق كان لا بد للاعداء ان يعملوا لمحاربة الامة بشتى الطرق حتى تمكنوا من بذر الشقاق والخلاف بين المسلمين وانبرت الفرق كل يدعي انه صاحب الاعتقاد الصحيح وازداد الشقاق والخلاف واعمل السيف بين اصحاب المذهب الواحد لفرض راي بقوة السلاح وصار الداعية قاطع طريق او قصابا يرتدي ثياب الدعوة الى الله, ومما تم ابتداعه ولم يتكلم به احد من السلف تقسيم التوحيد الى ثلاثة اقسام : ربوبية , والوهية واسماء وصفات ومن خلال هذا التقسيم انبرى البعض ليثبت اكذوبة ان المشركين كانوا قبل البعثة المحمدية مؤمنين موحدين توحيد ربوبية وانما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام فقط ليعلمهم توحيد الالوهية,ومن هنا كان لابد من تبيان عدم صحة المزاعم والاكاذيب بان المشركين كانوا موحدين ربوبية ومن خلال الايات القرانية.وقبل الدخول في البيان لا بد لنا من تبيان عناصر الايمان بالله اولا:
الاول: معرفة الله تعالى.
الثاني ترك الاعتقادات الفاسدة.
كان المشركون قبل البعثة النبوية لا يعرفون الله تعالى ولا يعرفون عناصرالربوبيةوزادوا على كفرهم هذا اعتقاداتهم الفاسدة فجمعوا بين فسادين عظيمين هما:عدم معرفة الله تعالى واعتقاد العقائد الفاسدة لذلك ارسل الله اليهم الرسل فاذا عرف المشركون الله تعالى وتركوا الاعتقادات الفاسدة عبدوه وحده لا شريك له.
ثم ناتي الى معنى توحيد الربوبية: هو الاعتراف بأن الله تعالى رب كل شيء وخالق كل شيء. ومالكه ورازقه. وأنه هو الذي يُحي ويُميت، وله الأمر كله وبيده الخير كُلُّه وهو القادر على ما يشاء. ليس له في ذلك شريك أنَّ العلاقة بين التوحيد هذه الاقسام التى ذكرت هي علاقة تلازم وتضمن وشمول.
- فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية فمَنْ أقرَّ بربوبية الله في خلقه وملكه وتدبيره لزمه أن يُفرده بأعماله التعبدية وهو توحيد الألوهية إذ كيف يؤمن برب ويعبد غيره؟
- وتوحيد الألوهية ويتضمن توحيد الربوبية فمن عبد الله وحده أفرده عمن سواه فلابد أنه أقرَّ بأنه الرب المتفرد بالخلق والملك والتدبير. وتوحيد الأسماء والصفات يشملهما جميعًا إذ أنه يفرد الله -عز وجل- بِما لهُ مِن أسماء وصفات تقتضي الربوبية، وأسماء وصفات تقتضي الألوهية.
لذا فان الايمان بالاسماء ومعرفتها واجب والكفر بها كفر بالله وكذا ببعضها واعتقاد الشريك لله بها او ببعضها كفر به, لذا فان الايمان بصفات الله تعالى ما يجب له وما يجوز وما يستحيل في حقه يكون من خلال الاسماء التى صرحت بها النصوص القرانية والاحاديث النبوية الشريفة اما الاسماء فهي الخالق الرازق الرحمن الرحيم الملك القدوس.... فالله تعالى يتصرف بمخلوقاته بها من الخلق , والايجاد والبعث والنشور والحساب....ويعاملها بصفاته التى تدل عليها هذه الاسماء من الرحمة والاحسان والمغفرة فربوبيته تعالى تشتمل على معاني الاسماء الحسنى.
انواع الكفر في الجاهلية كما في القران الكريم واهمها:
1-قال تعالى(فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون)البقرة 22
2-قال تعالى ( الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)الانعام1
3-قال تعالى(وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار اذ تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل له اندادا)سبأ33
4-قال تعالى(وبرزت الجحيم للغاوين* وقيل لهم اين ما كنتم تعبدون* من دون الله هل ينصرونكم او ينصرون*فكبكبوا فيها هم والغاوون*وجنود ابليس اجمعون*قالوا وهم فيها يختصمون*تالله ا كنا لفي ضلال مبين*اذ نسويكم برب العالمين)الشعراء91-98 ففي الاية الاولى جعل الكفار الهتهم اندادا لله تعالى.
وفي الثانية قبح الله عليهم فعل المشركين الذي يجعلون لله عدلا وشريكا ,اي يسوون به غيره, وفي الايات الماخوذة من سورة الشعراء اعترف الكفار بعد ان قلبوا على رؤوسهم في النار انهم كانوا يسوون آلهتهم برب العالمين.
بعد هذانسال سؤال هل الذين جعلوا اصنامهم اندادا لله وعدلا وسووهم برب العالمين وصرح القران بسفاهتم فقال (ما قدروا الله حق قدره)الحج 74
هل اصحاب هذه الصنوف المتعددة من الكفر والشرك وعدم المعرفة كانوا موحدين لله عارفين ربوبيته؟ سبحانك هذا بهتان عظيم الا في كتاب التوحيد والاصول الثلاثة وكشف الشبهات ومن سار على خطاه.
5-قال تعالى(وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شىء)الانعام91 قال القرطبي 3/2473 قوله تعالى (وما قدروا الله...)فيما يب له ويستحيل عليه ويجوز , وقال ابن عباس ما آمنوا ان الله على كل شىء قدير , واضاف القرطبي انهم نسبوا لله عز وجل انه لا يقيم الحجة على العباد ولا يأمرهم بما لهم فيه الصلاح فلم يعظموه حق عظمته ولا عرفوه حق معرفته.
6- (وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون)الجاثية 24
الاية تصرح ان الكفار كانوا يعتقدون انهم يموتون بمرور الايام وطول العمر وهذا انكار للصانع وقد نفى الله عنهم العلم اذ يسبون ذلك الى الدهر , وفي الحديث (يسب بو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار)اذ كانوا ينسبون الحوادث للدهر وينكرون الصانع. فهل الذي ينفي الصانع(الخالق ولا يعترف بفعل الله اةو وجود اصلا يكون مودا عوذ بالله من الخذلان.
7- (واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن انسجد لما تامرنا وزادهم نفورا)الفرقان60
اي : واي شىء الرحمن؟المعنى انهم لا يعرفون الرحمن ويصدقه قوله تعالى(وهم يكفرون بالرحمن)الرعد30 فهل من يكفر بالرحمن ولا يعرفه يكون موحدا؟!
وقال تعالى(أئنكم تكفرون بالذي خلق الارض في يومين)فصلت 9
هذا صريح القران في كفر المشركين بينما يصر المخالفون بانهم احسن حالا من المسلمين...!!!
8-قال تعالى(وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله وما كان لله فهو يصل الى شركائهم ساء ما يحكمون)الانعام 136
اعتقادات فاسدة قسموا ما يحصلون عليه من الرزق من زرع وابل وابقار وغير ذلك قسمين قسم لله واخر لألهته وسموهم شركاءهم لانهم جعلوا لهم نصيبا من اموالهم ينفقون عليها فشاركوهم في نعمهم اما القسم الذي جعلوه لله اطعموه ضيوفهم وما كان للصنم انفقوه على الصنم .
9- انكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبه ووصفوه بما لا يليق وآذوه.
10قال تعالى (واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونوا لهم عزا*كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليه ضدا)مريم81-82
11-قال تعالى(فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب باياته انه لا يفل المجرمون*ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤا عند اللله قل اتنبئو ن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الارض سبحانه وتعالى عما يشركون)يونس 17-18
ابان القران الكريم ان بعضا من المشركين كانوا يعبدون آلهة من دون الله فيعتقدون انها لا تضرهم ومع ذلك يعبدونها لتكف ضررها عنهم وهي لا تنفعهم ومغ ذلك يعبدونها لتنفعهم في امور دنياهم,وقد بين القران فساد تفكيرهم, قال تعالى( قل اتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الارض)فلو كان اعتقادهم في الربوبية اعتقادا صحيحا لعلموا مبلغ علم الله.
وقال تعالى(ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون*قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون) الزمر 43-44
فالهتهم واسطة للنفع والضر والشفاعة لله فهو ياذن ويملك من يشفع.
قال تعالى : ( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ) ، فصرح بتعدد الأرباب عندهم ، وعلى الرغم من تصريح القرآن بأنهم جعلوا الملائكة أربابا يقول المخالفون : إنهم موحدون توحيد الربوبية وليس عندهم إلا رب واحد وإنما أشركوا في توحيد الألوهية !!.
قال تعالى( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) ، ويقول الله تعالى أيضا : (وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي) ، وأما هم فلم يجعلوه ربا .
قال تعالى : ( لكنا هو الله ربي ) خطابا لمن أنكر ربوبيته تعالى ، وانظر إلى قولهم يوم القيامة : ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) ، أي في جعلكم أربابا ـ كما هو ظاهر ـ وانظر إلى قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا .. ) ، فهل ترى صاحب هذا الكلام موحدا أو معترفا فإذا ليس عند هؤلاء الكفار توحيد الربوبية ـ كما زعم البعض والادلة كثيرة كثيرة
ويقول الله في أخذ الميثاق : ( ألست بربكم قالوا بلى ) ، فلو كان الإقرار بالربوبية غير كاف وكان متحققا عند المشركين ولكنه لا ينفعهم ـ كما يقول اصحاب هذا التقسيم الكاذب ـ ، ما صح أن يؤخذ عليهم الميثاق بهذا ، ولا صح أن يقولوا يوم القيامة : ( إنا كنا عن هذا غافلين ) ، وكان الواجب أن يغير الله عبارة الميثاق إلى ما يوجب اعترافهم بتوحيد الألوهية حيث إن توحيد الربوبية غير كاف.
وأما السنة فسؤال الملكين للميت عن ربه لا عن إلهه ، لأنهم لا يفرقون بين الرب والإله ، ، وكان الواجب على مذهب هؤلاء أن يقولوا للميت : من إلهك لا من ربك !! أو يسألوه عن هذا وذاك.
وأماقوله : ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) ، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم إجابة لحكم الوقت مضطرين لذلك بالحجج القاطعات والآيات البينات ، ولعلهم نطقوا بما لا يكاد يستقر في قلوبهم أو يصل إلى نفوسهم ، بدليل أنهم يقرنون ذلك القول بما يدل على كذبهم ، وأنهم ينسبون الضر والنفع إلى غيره ، وبدليل أنهم يجهلون الله تمام الجهل ويقدمون غيره عليه حتى في صغائر الأمور ، وإن شئت فانظر إلى قولهم لهود عليه الصلاة والسلام : ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) فكيف يقول المخالفون : إنهم معتقدون أن الأصنام لا تضر ولا تنفع إلى آخر ما يقول؟!.
فهل ترون لهم توحيدا بعد ذلك يصح أن يقال فيه إنه عقيدة ؟!. وهل نصدق كتاب الله ام نصدقكم سبحانك ربنا ان هذا الا كذب وبهتان عظيم.