بيان حكم زيارة القبور للرجال والنساء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
بيان
حكم زيـارة القبور عـامة
روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألافزوروها قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: هذا من الأحاديث التي تجمع الناسخ والمنسوخ وهو صريح في نسخ نهي الرجال عن زيارتها وأجمعوا على أن زيارتها سنة لهم.اهـ
وقال الإمام النووي أيضا في شرح المهذب: اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يستحب للرجال زيارة القبور وهو قول العلماء كافة، وأما النساء فقال المصنف وهو صاحب المهذب وصاحب البيان لا تجوز لهن الزيارة ولكنه شاذ في المذهب والذي قطع به الجمهور أنها مكروهة لهن كراهة تنـزيه وذكر الروياني في البحر وجهين أحدهما يكره كما قاله الجمهور والثاني لا يكره قال وهو الأصح عندي إذا أَمِنَّ من الإفـتـتـان وقال صاحب المستظهري أي الشاشي وعندي إن كانت زيارتهن لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهن حرم قال وعليه يُحمل الحديث لعن الله زوارات القبور وإن كانت زيارتهن للإعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلا أن تكون عجوزا لا تشتهى فلا يكره كحضور الجماعة في المساجد. اهـ
وفي الشرح الكبير على متن المقنع للإمام شمس الدين المقدسي الحنبلي ما نصه: فصل: [ويستحب للرجال زيارة القبور، وهل يكره للنساء على روايتين] لا نعلم له خلافا بين أهل العلم في استحباب زيارة الرجال القبور ، فأما زيارة القبور للنساء ففيها روايتان إحداهما الكراهة لِما روت أم عطية قالت: نُهينا عن زيار القبور ولم يعزم علينا متفق عليه ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور رواه الترمذي وقال حسن صحيح وهذا خاص في النساء والنهي المنسوخ كان عاما للرجال والنساء ويحتمل أنه كان خاصا للرجال ويحتمل كون الخبر في لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر والإباحة فأقل أحواله الكراهة ولأن المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع وفي زيارتها للقبر تهييج للحزن وتجديد لذكر مصابها فلا يُـؤْمَن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لا يحل. والرواية الثانية لا يكره لعموم قوله عليه السلام: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وهو يدل على سبق النهي ونسخه فيدخل فيها الرجال والنساء وروى ابن مليكة عن عائشة أنها زارت قبر أخيها فقيل لها قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور قالت نعم قد نهى ثم أمر بزيارتها وروى الترمذي أن عائشة زارت قبر أخيها. اهـ
وأجاب المانعون لزيارة النساء للقبور عن حديث: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها بأن هذا خطاب الذكور قال النووي: إن نهيتكم ضمير ذكور فلا يدخل فيه النساء على المذهب المختار في الأصول والله أعلم.
وقال الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السبكي في شفاء السقام: واعلم أن العلماء مجمعون على أنه يستحب للرجال زيارة القبور بل قال بعض أهل الظاهر بوجوبها. إلى أن قال: وقبر النبي صلى الله عليه داخل في هذا العموم، ثم قال: فزيارته صلى الله مطلوبة بالعموم والخصوص بل اقول إنه لو ثبت خلاف في زيارة قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم من ذلك اثبات خلاف في زيارته لأن زيارة القبر تعظيم وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم واجب وأما غيره فليس كذلك ولهذا المعنى أقول والله أعلم إنه لا فرق في زيارته صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء لذلك ولعدم المحذور في خروج النساء إليه وأما سائر القبور فمحل الإجماع على استحباب زيارتها للرجال وأما النساء ففي زيارتهن للقبور أربعة أوجه في مذهبنا.اهـ
وفي فتح العلام بشرح الاعلام بأحاديث الأحكام للشيخ زكريا الأنصاري: ويستثنى من الكراهة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسن لهن زيارته كما يعلم من باب الحج وينبغي كما قال جماعة أن تكون قبور سائر الأنبياء والأولياء كذلك